حتى تغيير النظام

كتب خالد شرفان

تمر على الإنسان مراحل خلال فترة حياته
انتقالات ونقلات متعددة مابين مواقف الحياة و اجواءها و ضغوطها المعيشة والنفسية والاجتماعية والثقافية، فينتقل من وعي إلى آخر و من شعور الى آخر و من مرحلة الى أخرى، لكن لا يمكن أن يبقى في نفس الدائرة التي وضعته بها الظروف يومًا مهما حتم عليه ذلك، بل عليه أن يسعى و يصل إلى نقطة ضوء ولو كان بصيصًا في آخر النفق ليحل في مرحلة أخرى متجددة أكثر أمل وأكثر امنًا وأكثر استقرار، في وعي و إدراك متجدد و طاقة جديدة و بدايات مختلفة،
وإن أي شيء سيء لايمكن إطلاقًا ان يرحل من ذاته، لابد أن يخلّص حياته من بقايا الشوائب في أعماق روحه لكي لا تدنسها فوضى الفساد، يحتم عليه أن يتشافى ويتعلّم “ويغيّر”، فالشيء الثابت الوحيد في الحياة هو التغير المستمر، الكون كله في تغير مستمر منذُ خلق الله نبيه آدم.

أن المتفحص والممعن نظره للحالة وللوضع المزري الذي وصل إليه الناس وحالة الفقر المدقع التي فاقت كل التوقعات والحسابات سيدرك يقينًا بأن لافائدة في حكومة لم تقدم أبسط مقومات العيش الكريم، ناس تغتات على فتات كَسر الخبز على قوارع الطرق بين زحام القطط والكلاب، والمتعفف منهم فقد فضّل الموت جوعًا على أن يتسول بعد أن نخر الجوع امعاءه، وضع كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نحن في مجاعة حقيقية خاصة بعد الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الغذاء العالمي والتي ذيلت بلدنا من أشد والأكثر الدول فقرًا وجوعًا وشتاتًا وضياعًا ونزوحًا بين دول العالم.

مسؤولون حكوميون مرفهون متخمون، ينعمون برغد عيشٍ وببذخًا فارِه، وغناء فاحش الثراء وثروات تكبر، بالأمس القريب كانوا لايجدون مليمًا ولا درهمًا واليوم يملكون القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والمجوهرات وبالجملة، سفريات ونثريات وسيارات حديثة وقصور وتعليم لابنائهم وبأشهر الجامعات والمعاهد العليا بالخارج وكأنهم ملكوا كل هذا كابرًا عن كابر!.

إذا زاد فحش غناء أحد المسؤولين بكل تأكيد سيقابله فقر ألوف من المواطنين هذا نظام إقتصادي واضح ومعادلة صريحة، أن مايحز في النفس ويؤلمها أن أكثر الناس ثراء هم الوزراء والمدراء والمسؤولين المتربعين على النظام والمسوغين أنفسهم بأنهم حامين للنظام وللعدل والمساواة الإجتماعية بين كافة طبقات المجتمع وبمختلف ألوانهم ومشاربهم هم أنفسهم من وجدوا ليخففوا ويحدوا من الغلاء والفقر والبطالة!.

سحقًا لنظام يطالب بحقوقه من المواطن الغلبان ويمنع ويحجب عليه حقوقه المشروعة كصرفًا للمعاشات وتأمين المعيشة ودعم العملة المحلية وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والأمنية، لقد كفر، نعم كفر المواطن بأي نظام لايولي جل اهتمامه المواطن أولًا وأخيرًا ولم يجعله نصب عينيه، مصالح الشعب المغلوب على أمره باتت محالة وصعبة المنال، كل شعوب الأرض لهم رؤية تطلعية للمستقبل ويسابقون الزمن إلا نحنُ نحنّ ونتمنى الرجوع للخلف من سوء وهول مانعيشه ونعايشه.

لقد فقد الشعب الثقة بكل شيء يحمل صبغة وصفة “حكومي”، إذا المواطن يحمل كل هذا البؤس والحرمان والشقاء والتعاسة والفقر الذي انهكهم من متسببين وأشخاص يدّعون بأنهم شرعيين وحكوميين وحامين النظام فلا جمع الله بينهم وبين هؤلاء المساكين لا في الدنيا ولا في الآخرة.

لا تحالف قام بواجبه وللمهمة المناطة به التي جاء لأجلها ومن أجلها، ولا شرعية “النظامية” قامت بعملها على توفير أبسط الأشياء كتوفير رغيف وكسرة خبز!، قد يقول قائل نحن في حالة حرب وطبيعي تحصل مثل هذه الأزمات، أقول تسعة أعوام كفيلة بأن تقضي على نصف سكان الصين وبنصف الفترة المنصرمة فما بالك بجماعة وزمرة وصفتوهم في بداية الحرب بـ “شرذمة” وبأنهم لايشكلون إلا 1%من سكان الشمال ويسهل القضاء عليهم في أقل من عام، نحن حاليًّا بحالة حرب واللا حرب، فلاتم القضاء على الحوثي ولا عاش المواطن بأمان، وهانحن ندلف العام التاسع وعلى عتبات ألم جديد ومعاناة جديدة ولازال الحوثي باقي ويتمدد ويستقوي ويهدد ويتوعد وبلغة المنتصر هذه المرة ويقابل ذلك طلب رضاه للمفاوضات وللاستعطافات لمتديد “الهدنات” من قبل التحالف والجلوس للحوار وله ما أراد سلفًا، وما على على المواطن إلا شد حزام المعاناة والبؤس.

ولحتى يسقط النظام وتسقط روزنامة الفساد، والذي خر قوى المواطن وبعد أن ضاق ذرعًا لم يعد لديه شيء يخاف عليه كي يخسره، وعليه يجب إقامة ثورة تصحيحية عارمة تجتث الفساد من أخمص قدميه، والقضاء على المحسوبية والوساطة التي أضرت بمصالح المواطنين، والعمل على خطوات تصحيحية حقيقية لإنقاذ حياة الناس الفقراء والمساكين من شبح الموت، لقد أقام الشعب ثورة أسقط بها النظام في 2011، مع وجود أمن غذائي وأمن مالي ووجود وفرة دخل معيشي محترم، مع وجود شبه دولة نظام وقانون إلّا إنه ثار، إذن فلماذا البقاء على هذا النظام الحالي الذي لم يقدم أي شيء والذي لايهمه إلّا نفسه ومن هم حوله، إذا كان كل هذه الآلام من شيء اسمه حكومة “نظام” والذي بالأساس وجد لتخفيف المعاناة فلا بارك فيه وأبعده الله عن المواطن ألف قدم، أيها القوم تحمّلوا مسؤوليتكم أمام خالقكم، قوموا بواجبكم تجاه الناس، لبّوا نداءات المستضعفين والمستغيثين منهم، حركوا كل متاح وممكن لإنقاذهم، سخروا الوسائل ونصف الامكانيات، الناس تموت وفي الرمق الأخير وعلى مرئ ومسمع، لماذا كل هذا الصمت المطبق المريب!.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى