عن هذا الفنان العميق والإنسان الجميل.

كتب: د. سعيد الجريري

( تعليقاً على منشور لصديقي د.احمد سعيد النوبان عن الفنان عبدالرب إدريس، كتبت من تداعيات الذكريات : )

أبوعادل إنسان رقيق، ما زال في داخله – رغم منجزه الفني العالي وأسلوبه الموسيقي الدال عليه وحده – طفل خجول، وشاب أنيق، وكبير لا يزيده التواضع إلا عظمة على عظمة. شرفت بلقائه مرتين أولاهما في المكلا، والأخرى في القاهرة. وكانت لي معه جلسات ثنائية في الأستديو هناك. كان مدار أحاديثنا الأغنية الحضرمية، ومشواره الفني الطويل العميق. لمست فيه روح الإنسان ودفء المشاعر المنسابة على السجية. ومن الطريف أنه كان يحضر لحفلة في المكلا ضمن مهرجان البلدة، مطلع يوليو ٢٠٠٧، وكان لديه لحن عليه كلمات عن حضرموت، لكنها غير مناسبة لحفلته الأولى بمدينة طفولته وشبيبته، فأسمعني اللحن قائلاً: دندن به فقد تأتيك فكرة. وفي مساء اليوم التالي كنا على موعد بالأستديو، فأعطيته الكلمات، فابتهج بها كطفل. فكرتها أنني جعلتها حديث مشاعر بينه وبين المكلا، إذ تقمصت شخصيته. كان مطلعها:
عدت لك يا من ملكتي مشاعري
كل شي شُوفه بشوفك شاعري
المسا والبحر وأنوار البيوت
يا المكلا يا عروسة حضرموت
وقد غناها في الحفلة كتحية منه للمكلا وأهل المكلا. وإذ أوصلني بسيارته إلى الشقة، قال لي: ولو طلع معك شيء، إعطنا من طيباتك. فعدت إليه في مساء اليوم التالي بكلمات أخرى، فاحتضن عوده، ولم نغادر الأستديو إلا وهي ملحنه. كان مطلعها:
هت لي من الآخر
يا هل ترى شي أمل أو جيت متأخر
خابر وباخابر
شفني على ذا الخبر من عام لا عام
ننشد ونتخبر
محّد عطاني خبر
هت لي من الآخر
وفي الليلة التالية قدم لي لحناً آخر بكلمات تجريبية، قائلاً: شف لو طلع معك شيء ..
لم أخيب ظنه، فقدم الثالثة مع الأغنيتين السابقين في حفلة المكلا على مسرح القاعة الكبرى بجامعة حضرموت.
ومن طريف ما حدث أن تهنا في الطريق آخر الليل ولم يهتد إلى الحي الذي أسكن فيه في االمعادي الجديدة، فظل يدور بسيارته من شارع إلى زقاق، قائلاً ما علينا، بانوصل بانوصل .. كان منهمكاً في الحديث عن مشروع ينوي إنجازه يتمثل في تنويت أغاني المحضار كلها، كمشروع فني يقاربه برؤية موسيقية أكاديمية، وكنت أحثه على أن يمنحه من وقته مايستحق، فهو يتجاوز التنويت إلى توثيق ودراسة الإيقاعات بخبرة أكاديمي وملحن وفنان خبير بالتراث الحضرمي.
الحديث عن مزايا د.عبدالرب إدريس وسجاياه لا ينتهي….

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى